الأحد، 21 أغسطس 2016

اول رحلة بالطائرة !!

 " الجواب واضح من عنوانه "

اول مرة بحياتي كلها اركب طائرة .. ما عدا ذاك المجسم للطائرة الذي كان ابي يصحبنا اليه وهو عبارة عن زحليقة على هيئة طائرة
كنا حينها مستمتعين جدا بذلك ضحكاتنا تملأ الارجاء عبرونا العديد من الاطفال ضحكو معنا فغادرنا و غادروا .. دون ان نعرف بعضنا فقط يجمعنا مكان نلهو به لسويعات و كأن الكون كله يضحك معنا .. لكنني كبرت و لا زالت الطفلة بداخلي تضحك و تستمتع بالالعاب ..
ما كانت الطائرة سواءا قيادتها او حتى ركوبها في صغري شغف لي بتاتا البتة .. على النقيض تماما كنت كلما رأيتها تحلق بالسماء
احلف ايمانا انني لن اركبها اطلاقا عندما اكبر .. لكنني كبرت و تغيرت ..
كانت تدهشني كيف تحلق بالسماء هكذا .. مجسم كبير جدا و يطير مثل الريشة بالسماء .. لكنني كبرت و تعلمت
كانت تخيفني حقا .. في ذاك الزمان رأيتها ذات يوم تحلق قريبا جدا من بيت احد اقاربي الساكنين ب جدة .. خفت و سكرت أذني بيدي
من صوتها المزعج بالنسبة لي ... لكنني كبرت و قويت ..

ذات يوم بينما انا و زميلتي بالسكن و مع قرب موعد اجازتنا .. احبت هي ان تختصر المسافة التي تفصلها عن مقر سكنها الاساسي
فأثرت ان تحجز موعد لرحلتها عبر الطائرة .. و هكذا قررت ففعلت .. لكنها ليست المرة الاولى التي تخوض بها تلك التجربة
فقد جازفت هي ذات مرة و اخذت نصيبها من اجازة اضطرارية حتى تسافر و تشاهد أسرتها .. هكذا حجزت و سافرت لوحدها هي و صغيرها .. لا تعلم هي مقدار القلق الذي انتابني نحوها حينها .. اخذت ادعي لها من اعماق قلبي ان يتسهل لها ذلك .. جازفت لكنها تعلمت .. بينما كانت تحكينا ذات يوم عن ما حصل لها حينها و الرعب الذي انتابها و بينما نحن نستمع اليها كان حديثها بالنسبة لي شرارة للتفكير لخوضي تلك التجربة ..
انتم لا تتصورون كيف لفتاة مثلي ان تجازف و تغامر بالسفر و بالطائرة و دون عائلتها .. انا الفتاة التي يقولون لي انني بنت امي
" و هذا بلا شك فخر لي " و لكن لانني مستحيل اسافر بدونها او اذهب لاي مكان دون اخذ مشورتها و لانها تخاف علي جدا فهي
ترفض و رفضت امورا عدة خوفا علي و كنت في كل مرة اقول لها سمعا و طاعة .. لانني و ببساطة اثق كثيرا باحساس الامهات
حينما يقولو  لك ان هذا الامر خطا او لا تفعليه ف " حكمو عقلكم ثم استفتو قلب امهاتكم "  ..
انا الفتاة التي تخاف من اشياء عدة من ضمنها خوفي من ركوب الطائرة .. لكنه كان خوفا ضئيلا عن لمن كنت صغيرة ..
انا الفتاة الاكثر ترددا في اختيار قرار لاي امر يخصني .. اتخذت قراري حينها و جازفت ..
انا الى هذه اللحظة و بعد مضي اكثر من شهر لا اصدق اني فعلتها و سافرت .. انا حقا كنت فتاة اخرى حينها ..

هكذا انا حينما افتح حديثا تتفتح امامي اخرى جانبية طبعا كتابيا فقط والا بالواقع نقيض ذلك تماما .. نرجع للمهم كنا سويا ذات يوم
اقترحت هيا ان تصطحبني معها للسفر بالطائرة بدلا ان يتعنى احدهم و يقطع الكيلوات ليأتي الي و يقضيها هو سفر  "صد رد "
تعب جسديا للسائق و تعب معنويا بالنسبة لي .. المهم قولبت الفكرة في رأسي وانا متأكدة تماما أنها لن تتم و خصوصا بالنسبة لأمي
فهي لن ترضى بتاتا انا اسافر لوحدي و خصوصا ان المسافة بين سكني والمطار 100 كيلو تقريبا .. بمعنى انني سأحتاج لسائق
اجنبي عني ان يصطحبني للمطار .. و ايضا بحكم الظروف الصعبة التي كانت تمر بها عائلتي  .. ف كانت حالتي وقتها اشتطاط
و حماس ع الفاضي على اللاشيء اللاممكن ..
بعد محادثتي لوالدتي استشفت زميلتي  الجواب دون ان اخبرها .. حادثني والدي بعدها ب دقائق و كما هو متوقع فقد كان داعما لقراري و أيده و قال لي  جربي و اعملي اللي تشوفيه بس اهم شيء خذي الموافقة من امك ..
بما انني بعيدة عنها لا مجال لاقناعها فأنا متأكدة من انها كانت خائفة جدا و غير متوقعة اطلاقا انني ممكن افكر جديا بهالامر
لذلك لجأت لاخواتي بعد ان غسلت مخهم بالاسباب و ب كيف ممكن انا ادبر نفسي و انو شيء عادي و كذا .. فوافقت اخييييرا ..

بعد موافقتها فرحت كثيرا لكنني  ترددت اكثر بكثير و اخذت افكر مرارا و انتابني قلق شديد بين رغبتي في خوض امر خارج عن
المألوف بالنسبة لي لشخصيتي  و لعائلتي ..
حجزت زميلتي لها و لصغيرها و انهت امرها .. اما انا فأخذت اسألها مرارا  " حجزتي ؛ طيب خوذيني معاك ؛ طيب انا ابغى اروح معاك ؛ طيب ممكن الاقي حجز ؛ لا خلاص مره مترددة "

في عطلة الاسبوع قررت زميلتنا الاخرى  انا تقضي هي واسرتها اليومين في مدينة بعيدة نوعا ما " جلسنا انا و هي نخطط ماذا نفعل في هذه اليومين فأثرنا ان نكلم السائق الذي قادها للمطار في المرة الماضية ؛ لكي يأخذنا الى الحديقة نغير جو و نستمتع "
اعددنا العدة و ذهبنا ، استمتعنا و ضحكنا و اخيرا قررت " قلت لها خلاص احجزي لي معاك بنفس الطائرة و يا حبذا لو بنفس المقاعد لنكون بجانب بعضنا " هي تعتقد انني امزح حينها .. قالت لي ترا هذا الشيء ما فيه لعب اذا قررتي انك ما حتسافري و قتها او حتى تلغي الحجز ما حيرجعو لك فلوسك و انما حيأخذو نصفها " .. قلت لها مو مشكلة توكلي على الله و احجزي لي
انا كان في راسي انو لو مرا وقتها كنت خايفة حتصل على اهلي يجو و يأخذوني و اكنسل ابو ام الرحلة ..
بدأت اجرارات الحجز من ... الى ..
وتم ذلك .. بنفس الرحلة و الطائرة و المقاعد .. فأصبحت هي المسؤولة عني .. حينها كانت هي اختي الكبرى التي لم تلدها امي

اخفينا الامر عن كل من حولنا الى اشعار اخر .. دائما كان طفلها حينما اقول له انني سأسافر معهم يردد " لا ترى حتطيح الطائرة "
انا اخاف فعلا من توقعات الاطفال و احاسيسهم فدائما كنت اخاف من توقعه و احاول ان ابدله ... فتضحك والدته ..

ذات يوم بئيس قررت زميلتنا ان تستغل رصيدها بالاجازة و ان تسافر مبكرا بعائلتها قبل رحلتنا بأسبوع .. لابد حينها ان يأتي احدهم رجلا طبعا عندنا انا و زميلتي حتى يوصلنا من و الى المدرسة لاننا لن نستطيع ان نقدم موعد رحلتنا  او حتى ان نلغيه .. طبعا دبرنا
انفسنا و ما في احد جاء عندنا وقتها و جلسنا لوحدنا لمدة اسبوع كامل .. كان صعب لها بحكم وجود صغيرها و حملها اياه للمدرسة
و نفسيتنا لانو اغلب الجيران سافروا او بمعنى اخر كان الاسبوع هادي جدا جدا

اتى ذاك اليوم الرهيب الذي لن يمحى باذن الله من ذاكرتي .. ما نمنا ليلتها مزبوط من القلق انو تفوتنا الرحلة او حتى الوسوسة اللي جاتني انو ممكن ما تأكد حجزني وانو ممكن اتمرمط بالمطار و كذا .. تجهزنا و افطرنا و لملمنا اغراضنا و انطلقنا
انا و زميلتي و صغيرها برفقة زميلتها المغتربة ايضا ، مع سواق جربو ان يسافرو معه لمسافة بعيدة بينما انا اول مرة
كان شخص كبير بالسن ، محترم جدا و كان احرص مننا على موعد الرحلة ، وان لا نفوتها او نتأخر بالوصول .. مع تجاوزنا المئة كيلومتر  ووصولنا للمطار وحملنا لأمتعتنا ، اخذ يتصل ليطمئن اننا اتممنا امورنا و دخلنا لصالة المغادرة ...

شعووووور لذيذ جدا انتابني حينما دخلت الصالة و قد كانت مكتضة بالمغادرين الذين يبدو ان اغلبهم مغتربين .. راحة عجيبة انتابتني حينما علمت ان حجزي مؤكد وان اموري تمام يتبقى بس  " حدس صغيرنا انو الطائرة سوف تسقط بنا "
عموما صديقتي كانت هي حاملة للتذاكر و انهت كل الاجرارات دون حتى ان ألمس التذاكر الا بعد ما انهت كل شيء كانت بمثابة اختي الكبرى مهتمة فيني لأخر لحظة " فقد كنت انا الفتاة التائة التي لم ترى طائرة قط سوى من بعيد و هي تحلق عاليا جدا في السماء ، انا الفتاة التي لم تدخل قط في حياتها الاكثر من 20 سنة لصالة المطار لا أن تستقبل"بفتح التاء و كسر الباء" او تستقبل " بضم التاء و فتح الباء " .. انا الفتاة التي حلفت و بالايمان ان لا تركب طائرة "
ها أنا ذا انتظر وصول طائرتي لأستقبلها و تستقبلني لتحضى هي بفرصة انها اول طائرة اركبها و لا سيما تلك المدينة لم احضى بفرصة زيارتها اطلاقا ولم اتوقع انني سأحضى بذلك "
ها انا ذا اكسر اولى مخاوفي و اغالبها " طارد خوفك تطرده "
ها انا ذا اخوض اول تجربة بالسفر وحيدة دون اي فرد من عائلتي
ها انا ذا اكبر يا أمي و اتغير و تتغير شخصيتي تباعا

لم اتمكن من الجلوس في تلك المقاعد التي بالصالة وانما جلست بمصلى المطار و ذاك ربما لحسن حظي لأنني ربما اسرح طويلا بين التفكير في تلك المرأة الوحيد او تلك المسنة برفقة ابنتها او ذاك الشاب الذي يحمل حقيبته او تلك الصغيرة التي تلهو عند الزجاج منتظرة قدوم الطائرة غير مبالية لماذا هي هنا او كيف اتت .. او ربما تعلم ذلك و هذه اللحظة كانت من اسعد لحظاتها لانها لم ترغب بالمجيء لتلك المدينة و هي متلهفة لملاقاة حبائبها في مدينة اخرى ، او ذاك الشخص المعتمر قاصدا نفس الوجهة و لكن بنوايا مختلفة ، او ذاك و ذاك و ذاك .....
تفرس لوجوه العابرين .. بين ابتسامة و ضحكة و عبوس و دمعة ..
ها هي الطائرة قادمة .. هبطت هيا فنهضنا نحن .. معدل سعادتي حينها ارتفع ووصل لاعلى من مداه .. شعور لا يوصف حقا
التزمنا مقاعدنا .. بانتظار لحظة الاقلاع .. و ياللذاذتها من لحظة ..
اقلعت .. و اقلعت حينها قلوبنا فرحا او حزنا .. كلا و مشاعره ..

ربما لو قرأ احدهم ما كتبت سيعتقد انني ابالغ بوصف الحدث او حتى انه في وجهة نظر احدهم انه امر تافه .. لكن حقا انه امر مختلف حتى وان كان الالاف يسافرون عبر القارات .. وانا فقط تلك الفتاة التي اختصرت المسافة داخل الممكلة  بين مدينتها و مقر سكنها لتكون بدلا من الالف او تزيد .. الى اقصر من ذلك بكثير .. هي فتاة فقط خاضت تجربة السفر بالطائرة لاول مرة بحياتها و ارادت للذكرى الا تنطوي فدونتها .. هي التي حتى لو سافرت مرة اخرى ستضل هذه اللحظة الامتع بالنسبة لها ...

النهاية /
لا تطفئ حماس اللحظات الاولى لاي حدث جديد بالخوف
استمتع بخوض اي تجربة .. عيش في اعماق حبها
جرب ، و جازف ، فالحياة صغيرة للغاية
بكرة راح تندم على الاشياء اللي رفضتها و أزحتها من طريقك و عن التجارب اللي ضيعتها
والفرص الجديدة والحلوة اللي كانت تنتظر قرار الحسم منك .. فقط لأنك خائف و متردد
اخيرا " الامر الذي تعتبره تافها هو في نظر غيرك  ربما اعظم انجازاتهم ، هم فقط غيرو نظرتهم للامر فأأستمتعو ...

بعضا من الصور توثيقها هنا حبا و حفاظا للذكرى

حدث ذلك في نهاية شهر 4 من عام 1437 هـ







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق